د. فيصل غرايبة
من يقيم في «البحرين» أو حتى يزورها زيارة لمدة قصيرة، يلمس فيها الكثير من التشابه مع أردننا العزيز، فقد بنيت بين البلدين علاقة اكثر من اخوية، مذ استقطبت خبراء أردنيين ليسهموا بالاعمار بمختلف اشكاله، بعد الاستقلال،. ومنذ اختارت لؤلؤة الخليج هذه، كما الأردن «الوسطية» نهجا سياسيا طمأن الآخرين،وانصبت جهودها على التنمية البشرية، مع تواضع الإمكانيات المادية. وفيما يشترك المجتمع البحريني والمجتمع الأردني، بصفات التواضع والطيبة والألفة بين المواطنين، فأنكر على نفسه إعلاء شأن المال بل رفع قيمة الإنسان، فحافظت البحرين على هدوء أعصابها ونظافة مسالكها ولباقة سكانها،من غير تعال أو حب بالمظاهر.
وتهتم البحرين كما الأردن بالإنسان تعليما وتدريبا، وهذا الانسان البحريني يعامل الآخرين باحترام كما يحب أن يعاملوه، ويمتلئ بالنشوة والعنفوان عندما يتم ما يجب عليه أن ينجزه. وها هي البحرين تقيم نموذجا للإصلاح الحديث، بموجب نسق المملكة المتطور، هذا الخيار الذي بادر الأردن إليه ليقدم نموذجا للسلم الاجتماعي والنشاط الإنساني، مثلما صدت رياح السموم الشرقية التي جاء بها الخريف العربي، حاملة ارث حضارة دلمون العريق. فان قنوات التفكير في البحرين سالكة، مما يبشر بسلامة طريقها لمستقبل أرغد، ففيها الكثير من منظمات المجتمع المدني والعديد من التيارات السياسية والفكرية والدينية، وقد استفادت من نماذج إصلاحية في الأردن وتونس وماليزيا وتركيا.
إن المجتمع البحريني مجتمع متماسك،رغم عن وجود المذهبية فيه،وأهلها يعتزون بخصوصيتهم الثقافية،رغم أصولهم متعددة المنابت، وان ما بين البحرين والأردن من قواسم مشتركة وعوامل متجانسة،تؤكد ذاتها في إطار الأمن القومي اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا، اذ يتجانس الأردن بابعاد نظام الحكم والنهج الوسطي مع دول الخليج،يجاورها بحدود طويلة، ولا يبعد كثيرا عنها، ذهنيا وجغرافيا، وهو لم يتوان في إرسال شبابه وبعثاته، ليساعد في بناء مجتمعاتها، من جانب قواها البشرية وخدماتها وأدوات ثقافتها ووسائل إعلامها، فملأ الأردنيون صفوف الإنتاج،وكانوا من الجيل المؤسس في تلك المجتمعات، ربوا أجيالها ودربوا أبناءها وعالجوا مرضاها،ونظموا مدنها وطوروا قراها، ونال الأردنيون الثقة والرضا.
هذا عدا عن أن المدن الأردنية، اضحت موئلا للأخوة الخليجيين، البحرينيين خاصة والخليجيين عامة، ليواصلوا التعليم الجامعي، وخاصة الدراسات العليا، أو بقصد النقاهة والاصطياف،وحتى لتمضية أيام الشتاء ذات الثلوج، وإقامة بيوت ريفية وسط المزارع، وزيارة أضرحة الصحابة والبترا، وحضور المهرجانات الثقافية وفي مقدمتها مهرجان جرش،وتلقي تدريبات في القوات المسلحة والأمن العام والدفاع المدني، وسط حفاوة أهل الأردن جميعا.
إن البحرين بطبائع أبنائها وتطلعات قيادتها، لن تخذل شعبها الطموح، ولا أمتها العربية ولا أخوتها الإسلامية ولا سمعتها العالمية.
[email protected]